مقالات القراء

“الله ينور” | بقلم: عمرو خفاجي

amr-khafagy-111-300x210بالرغم من أن الدستور الجديد، مثله مثل جميع الدساتير تتحدث كثيرا عن سيادة القانون واحترامه ووجوب تطبيقه على الكافة، ورغم أن الدستور فى حد ذاته يعكس احترام الشعوب للقوانين وامتثالهم لها، فإن سيادة القانون تبقى هى المعضلة المصرية بامتياز، ويكاد لا يصدق أحد أنه ستأتى علينا اللحظة التى سيطبق فيها القانون على الجميع من دون استثناءات أو تفرقة، بل الغالبية تركن دوما إلى أن القوانين تصدر كى لا تطبق، أو تطبقها الأنظمة وفقا لمصالحها وما ترغب فى تحقيقه، وأجزم أن قطاعا كبيرا من أبناء هذا الشعب جل ما كانوا يتمنونه من ثورة يناير هو سيادة القانون، لا أكثر ولا أقل، على اعتبار أن هذه السيادة قادرة، ببساطة، على تحقيق شعارات الثورة الثلاثة، العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
الناس تذهب اليوم أيضا، ليس فقط من أجل البحث عن الاستقرار، أو دوران عجلة الاقتصاد، وانما تحمل معها أمنيات فى احترام القوانين فى هذا البلد، وتقريبا لا يوجد مواطن واحد على أرض المحروسة لا يملك قصة تحكى عن مواطن تعرض للظلم أو واقعة تم فيها إهمال القانون، أو رواية تكشف بجلاء التفرقة بين المواطنين فى تطبيق ذات القانون، ومن هنا تتضح تفاصيل المطلوب فى قادم الأيام: الإحساس العام باحترام القانون والشعور الدائم بسيادة القانون، والاطمئنان بتطبيقه على الجميع، وأن جميع المواطنين سواسية أمامه.
الدستور كما يقول الفقهاء أنه أبو القوانين، ولا معنى بإجراء تعديلات على الدستور، ودعوة المواطنين للاستفتاء عليه، دون أن يكون لدى القائمين على شئون البلاد حاليا نوايا حقيقية وإصرار أصيل، على العمل على سيادة القانون فور إعلان موقف الشعب من الدستور وتعديلاته، فربما وسط زحام المطالب الاقتصادية تتوه مطالب تتعلق بسيادة القانون على اعتبار أن أجندتنا الوطنية مليئة فقط بالمطالب المعيشية، فها نحن نشير صراحة إلى أن سيادة القانون هى المدخل الواقعى والأمين لتحقيق جميع رغبات من خرجوا فى كل الموجات الثورية منذ يناير ٢٠١١، فحتى لو لم يكن ذلك المطلب مطروحا فى النقاشات العامة التى تشغل الفضاء السياسى، فذلك ما يجب أن تلفت له النخبة وتعتنى به قيادات هذا الوطن.
أذكر جيدا، فى الأيام الأولى من اندلاع ثورة يناير، وحينما بدء الشعب يخرج عن صمته، ويعلن عن مطالبه وأمنياته، قال أحد الأصدقاء بهدوء وهو يقف على أحد أطراف ميدان التحرير ويشير إلى مئات الآلاف المحتشدين فى الميدان، لو أن هؤلاء نجحوا فقط فى إعلان سيادة القانون فى هذه البلاد الظالمة لمواطنيها، ستكون هذه الثورة هى الأعظم فى التاريخ، يومها لم نلتفت لما قاله الصديق، فقد كانت الأحلام كبيرة والأمنيات عظيمة، وكنا ننظر إلى سيادة القانون باعتبارها من البديهيات التى ستتحقق من دون عناء، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وعلى ما يبدو أنه كان على حق والآن أعلن تضامنى معه وننتظر جميعا سيادة القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: