تحقيقات صحفيهعرب وعالم

تحقيق / ابراهيم البسيونى … أوغلو وأردوغان.. فرص متساوية فى السباق نحو الرئاسة التركية

151685في العاشر وفي الرابع والعشرين من أغسطس الجاري سينتخب الأتراك رئيسهم من خلال إقتراع عام مباشر، وهو ما يوضح توجه الدولة نحو تغيير النظام السياسي من البرلماني إلى الرئاسي، ومع إعلان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خوض السباق الرئاسي، فإنه من الواضح أنه لن يكون (رئيسا محايدا) ولا معتزلاً للمعترك السياسي كعادة كل من سكن قصر الرئاسة التركي، ولن يكون كذلك مشرفاً على الفصل بين السلطات وحكماً بين مؤسسات الدولة كما ينص الدستور التركي.

أردوغان يتفوق في «الكلام» وأوغلو

رجل «حكيم» تجتمع خلفه المعارضة

المخابرات الغربية منزعجة من دعم

أردوغان للقاعدة.. وأمل أوغلو معلق بـ13

7مليون كردي

 

يعتمد أردوغان على قدراته الخطابية وما حققته حكومته من تقدم في الملف الاقتصادي، وهو ما أكدته الانتخابات البلدية التي جرت في الثلاثين من مارس الماضي حيث حصد حزبه العدالة والتنمية 45% من إجمالي الأصوات، محتفظاً بالسيطرة على المدن الكبرى وهو ما يُنبأ بفوز أردوغان بالاستحقاق الرئاسي، غير أن مراقبين للمشهد التركي يرون أن التغييرات الإقليمية مع توحد المعارضة خلف مرشح وحيد هو أكمل الدين إحسان أوغلو، قد يُحدثان مفاجأة ليست في الحسبان.

السياسة الخارجية التركية التي كانت قائمة في عهد أردوغان على أساس معادلة مشاكل، أساءت تقدير قوة المعارضة المسلحة للرئيس السوري بشار الأسد، فدعمت تركيا أنقرة ما يُعرف بالجيش السوري الحر، ومعه جماعات إرهابية على غرار داعش والنصرة، ولكن لم يفلح كل ذلك في الإطاحة بنظام حكم الأسد، الذي كان حليفاً لأنقرة حتى تفجر الأزمة في بلاده في مارس 2011.وسمح أردوغان بأن تتسل عناصر إرهابية عبر حدوده للداخل السوري، هذا فضلاً عن مساندته العلنية لجماعة الإخوان الإرهابية ووقوفه ضد إرادة الشعب المصري الذي أطاح بحكم جماعته من قصر الاتحادية في الثلاثين من يونيو 2012.

وبينما هو يساند متمردين مسلحين يسعون لتدمير الدولة المركزية في دمشق، تعهد أردوغان بالوقوف في وجه المتمردين الأكراد الذين يسعون للاستقلال بجزء من الأراضي التركية لبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها مدينة كركوك بإقليم كردستان العراق، ولكن النتائج كانت كارثية, فبشار الأسد لم يرحل والمتمردين الأكراد يزداد نفوذهم على الحدود مع بلاده وأدى دعم أردوغان للمعارضة السورية السنية على أساس مذهبي إلى تعميق الشرخ في المجتمع التركي بين السنة والشيعة العلويين الذين يشكلون ربع تعداد السكان، وإذا كان استياء الأتراك من السياسة الخارجية لأردوغان لم يظهر في الانتخابات البلدية، فإن الانتخابات الرئاسية سوف تأتي برئيس جمهورية يتمتع بصلاحيات واسعة لا سيما في ملف الشئون الخارجية، وتشير الصحف التركية إلى أن توحد المعارضة خلف مرشح واحد يثير قلقاً عميقاً لدى أردوغان.

في السياق الإقليمي أيضاً، فإن التقدم الذي يحققه مقاتلو داعش على الأرض في العراق أظهر أن مساندة تركيا لهم لا تحميها من إرهابهم، وليس أدل على ذلك من الاستيلاء على القنصلية التركية بمدينة الموصل العراقية واختطاف مئات المقاتلين الأتراك، وهو ما يعني أن تورط أردوغان في المستنقع السوري ودعمه لداعش الذي انقلب عليه سيلقيان بظلالهما على المتوجهين لصناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة إلا إذا تمكن أردوغان من تحرير الرهائن المختطفين في العراق.

استياء داخلي
على صعيد السياسة الداخلية فإن أبرز التحديات التي تهدد أردوغان في السباق الرئاسي، هو الاستياء العام في الأوساط العلمانية والمدن الحضرية التي تشعر بتهديد حقيقي تجاه حريتها حياتها الخاصة، بسبب ما يريد أردوغان فرضه من تشريعات أخلاقية على المجتمع بشكل عام، وبشكل عام يمكن القول إن جنوح أردوغان نحو الاستبداد، كان سبباً في نشوء حركة (جيزي) في صيف 2013، والتي لم تتوقف عن التطور والتوسع منذ ذلك الحين وتضم كل أطياف المجتمع التركي وإن كان يغلب عليها الطابع العلماني.

غير أن قوة (جيزي) لا تبدو كافية لإسقاط أردوغان في مجتمع الأناضول ذي الأغلبية المحافظة، لذا كانت المعارضة من الذكاء بما دفعها للتوحد خلف شخص يشبهه لحد ما، وهو أكمل الدين إحسان أوغلو المسلم الملتزم، والذي يسانده أكبر حزبين علمانيين في البلاد وهما حزب الشعب الكمالي (نسبةً لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك)، وحزب الحركة القومية.

وإذا كان أوغلو مبتدئاً على صعيد السياسة الداخلية، فإنه يبدو أكثر قدرة من أردوغان على التعامل مع الملفات الدولية لا سيما وأن أجهزة مخابرات غربية، وعلى رأسها المخابرات الفرنسية، أبدت انزعاجها الشديد من دعم أردوغان للجماعات التكفيرية التي تتبنى فكر القاعدة عموماً، وتتسم نبرته باتزان واضح ودبلوماسية كبيرة، ويلقى خطابه قبولاً كبيراً في الأوساط الدولية وأبدت كثير من الخارجيات الأوروبية ارتياحها لتوجهات الرجل.

ويتشابه أكمل الدين إحسان أوغلو مع الرئيس عبد الله جول، المحبوب من الأتراك، في حكمته ولكنه يتميز عنه في أنه لم يخش مواجهة أردوغان على أرضية الإسلام المحافظ، ولا يحول بينه وبين كرسي الرئاسة سوى قلة خبرته السياسية مقارنةً بأردوغان وتفوق هذا الأخير على المستوى الخطابي.

نجاح أوغلو يتوقف أيضاً على قدرة المعارضة على تجييش كل أتباعها للتصويت له مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يعبر عن كل ما يؤمنون به من قيم، ولكنه الوحيد صاحب الفرص الواقعية للفوز على أردوغان، وفي النهاية لا يوجد سوى شيء واحد غامض في هذا الملف وهو موقف الأكراد( يعيش في تركيا نحو 13مليون كردي)، ويؤكد المراقبون أن تمكن أوغلو من استقطاب أصوات تلك الشريحة لصالحة سيدخله التاريخ من أوسع الأبواب باعتباره أول رئيس تركي في العصر الحديث يتمتع بصلاحيات كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: